كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ: لِلْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ) يَعْنِي مَعَ الْعُمْرَةِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ سم قَوْلُهُ أَوْ عَكْسَهُ يُتَأَمَّلُ. اهـ. إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ بِالْأَوْلَى.
(قَوْلُهُ: عِنْدَ الْمُجَاوَزَةِ) أَيْ: فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ.
(قَوْلُهُ: لَزِمَهُ الدَّمُ) أَيْ: دَمُ الْإِسَاءَةِ بِالْمُجَاوَزَةِ بِلَا نِيَّةِ الْحَجِّ.
(قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ: بِالْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ: فَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ) أَيْ: وَحْدَهُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ عَكْسَهُ)، وَهُوَ مَا لَوْ قَصَدَ عِنْدَ الْمُجَاوَزَةِ الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ وَحْدَهُ فَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ أَيْ: وَحْدَهَا.
(قَوْلُهُ: هَذَا كُلُّهُ) أَيْ: مِنْ الْمَقِيسِ بِصُورَتِهِ وَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الصُّورَةَ الثَّانِيَةَ مُمْكِنَةٌ دَائِمًا.
(قَوْلُهُ: فِي الْعَامِ الْقَابِلِ) أَيْ: أَوْ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَنَّائِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَعْنِي الْمُرِيدَ ثُمَّ الْمُدْخِلَ) أَيْ: بِلَا قَيْدِ إمْكَانِ مَا أَرَادَهُ حِينَ الْمُجَاوَزَةِ.
(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَخَّرَ.
(قَوْلُهُ: فِي صُورَتِنَا) أَيْ: فِي الْمُرِيدِ ثُمَّ الْمُدْخِلِ بِدُونِ قَيْدِ الْإِمْكَانِ و(قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا هُنَا) أَيْ: الْمُرِيدِ ثُمَّ الْمُدْخِلِ مَعَ الْإِمْكَانِ.
(قَوْلُهُ: تَقْصِيرٌ إلَخْ) مَرَّ عَنْ بَاعَشَنٍ عَنْ النَّشِيلَيْ خِلَافُهُ وَيُوَافِقُهُ إطْلَاقُ الْمَتْنِ وَسُكُوتُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي عَنْ قَوْلِ الشَّارِحِ أَيْ: بِالنُّسُكِ الَّذِي أَرَادَهُ.
(قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ لَمْ تَجُزْ مُجَاوَزَتُهُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ) أَيْ: فِي شَرْحِ ذَاتِ عِرْقٍ وَاسْتَدَلَّ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي بِالْإِجْمَاعِ.
(قَوْلُهُ: مُرِيدًا الْعَوْدَ إلَيْهِ) أَيْ: مُحْرِمًا أَوْ لِيُحْرِمَ مِنْهُ سم.
(قَوْلُهُ: قَبْلَ التَّلَبُّسِ إلَخْ) ظَرْفٌ لِلْعَوْدِ.
(قَوْلُهُ: فِي تِلْكَ السَّنَةِ) أَيْ: الَّتِي أَرَادَ النُّسُكَ فِيهَا وَالْجَارُّ مُتَعَلِّقٌ بِالْعَوْدِ أَوْ بِالتَّلَبُّسِ.
(قَوْلُهُ: إنْ عَادَ) وَفِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي نَحْوُهُ وَفِي شَرْحَيْ الْإِيضَاحِ لِلْجَمَّالِ الرَّمْلِيِّ وَابْنِ عَلَّانٍ أَنَّهُ إذَا نَوَى الْعَوْدَ عِنْدَ الْمُجَاوَزَةِ لَا إثْمَ مُطْلَقًا ثُمَّ إنْ عَادَ فَلَا دَمَ أَيْضًا وَإِلَّا لَزِمَهُ الدَّمُ وَإِذَا عَصَى وَذَبَحَ الدَّمَ، فَإِنَّمَا يَقْطَعُ دَوَامَ الْإِثْمِ لَا أَصْلَهُ فَلَابُدَّ فِيهِ مِنْ التَّوْبَةِ انْتَهَى. اهـ. كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ.
(قَوْلُهُ: وَبِهَذَا جَمَعَ الْأَذْرَعِيُّ بَيْنَ قَوْلِ جَمْعٍ لَا تُحْرِمُ إلَخْ) الَّذِي يُتَّجَهُ هَذَا الْقَوْلُ عَلَى إطْلَاقِهِ ثُمَّ إذَا أَحْرَمَ وَلَمْ يَعُدْ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ يَأْثَمُ مِنْ حِينَئِذٍ وَقَوْلُهُمْ الْآتِي يَجُوزُ الْإِحْرَامُ مِنْ مَكَّةَ إلَخْ يُؤَيِّدُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ وَتَقَدَّمَ عَنْ شَرْحَيْ الْإِيضَاحِ لِلرَّمْلِيِّ وَابْنِ عَلَّانٍ وَيَأْتِي عَنْ سم وَالْوَنَّائِيِّ مَا يُوَافِقُهُ.
(قَوْلُهُ: وَتَعْلِيلُهُ) أَيْ: تَعْلِيلُ قَوْلِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَأْثَمُ إلَخْ و(قَوْلُهُ: بِمَا ذُكِرَ) أَيْ: بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْإِسَاءَةِ إلَخْ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ بِنِيَّةِ الْعَوْدِ إلَخْ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّنْظِيرَ فِي كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ دَلَّ عَلَى تَحَقُّقِ الْإِسَاءَةِ ثُمَّ ارْتِفَاعِ حُكْمِهَا وَأَنَّ هَذَا مَمْنُوعٌ بَلْ بَانَ عَدَمُ تَحَقُّقِهَا وَحِينَئِذٍ فَلْيُتَأَمَّلْ وَجْهُ الْبِنَاءِ فِي قَوْلِهِ وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ إلَخْ، فَإِنْ كَانَ وَجْهُهُ أَنَّ رَفْعَ الْعَوْدِ فِيمَا يَأْتِي تَضَمَّنَ الْإِسَاءَةَ لَكِنْ يَرْتَفِعُ إثْمُهَا وَرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ الرَّفْعَ يَتَضَمَّنُ ذَلِكَ سَوَاءٌ أُرِيدَ الرَّفْعُ مِنْ الْأَصْلِ أَوْ رَفْعُ الِاسْتِمْرَارِ سم.
(قَوْلُهُ وَلَعَلَّهُ) أَيْ: ذَلِكَ التَّعْلِيلُ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فِيمَا يَأْتِي) أَيْ: فِي الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ: وَمِمَّا يُؤَيِّدُ التَّقْيِيدَ إلَخْ) حَاصِلُ قَوْلِهِ أَمَّا إذَا جَاوَزَهُ إلَى هُنَا أَنَّ تَقْيِيدَ الْمَتْنِ بِقَوْلِهِ غَيْرَنَا وَالْعَوْدُ إلَخْ صَحِيحٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ لَكِنْ تَعْلِيلُ مَفْهُومِ الْقَيْدِ بِمَا ذُكِرَ فِيهِ فَسَادٌ؛ لِأَنَّ مَفْهُومَ الْقَيْدِ أَنَّهُ بِالْعَوْدِ بَعْدَ نِيَّتِهِ لَا إسَاءَةَ أَصْلًا وَالتَّعْلِيلُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِسَاءَةَ ثَبَتَتْ ثُمَّ ارْتَفَعَ حُكْمُهَا بِالْعَوْدِ وَنِيَّتِهِ وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ وَلَوْ بُنِيَ عَلَى مَا يَأْتِي وَأُرِيدَ مِنْهُ رَفْعُ الْإِثْمِ مِنْ أَصْلِهِ كَانَ لَهُ وَجْهٌ لَكِنْ الْمُتَّجَهُ فِيمَا يَأْتِي عَدَمُ رَفْعِ الْإِثْمِ فَاتَّضَحَ أَنَّ التَّعْلِيلَ فَاسِدٌ وَمَفْهُومُ الْقَيْدِ صَحِيحٌ وَبِهَذَا الْمَفْهُومِ جَمَعَ الْأَذْرَعِيُّ بَيْنَ قَوْلِ الْجَمْعِ وَإِطْلَاقِ الْأَصْحَابِ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَنَّ نِيَّةَ الْعَوْدِ إلَخْ) بَيَانٌ لِمَا تَقَرَّرَ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْت يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ إلَخْ) كَلَامُهُ مُصَرِّحٌ بِأَنَّهُ بِعَدَمِ الْعَوْدِ فِيمَا ذُكِرَ يَأْثَمُ بِالْمُجَاوَزَةِ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَمْنَعَ ذَلِكَ وَيَجْعَلَ الْإِثْمَ بِعَدَمِ الْعَوْدِ أَيْ: بِلَا عُذْرٍ سم وَفِي الْوَنَائِيِّ مَا يُوَافِقُهُ.
(قَوْلُهُ: زَالَ الْمَعْنَى الْمُحَرَّمُ إلَخْ) زَوَالُ ذَلِكَ غَيْرُ لَازِمٍ لِلنِّيَّةِ سم.
(قَوْلُهُ: أَوْ خُذْ؛ لِأَنَّ إلَخْ) أَوْ لِمَنْعِ الْخُلُوِّ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ تَأَدِّي النُّسُكِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذَا مُوجِبٌ لِلدَّمِ فَقَطْ دُونَ الْإِثْمِ، وَإِنَّمَا يُوجِبُهُ التَّجَاوُزُ بِلَا نِيَّةِ الْعَوْدِ وَلِذَا يَأْثَمُ بِهِ وَلَوْ لَمْ يُحْرِمْ أَصْلًا.
(قَوْلُهُ: وَخَرَجَ) إلَى قَوْلِهِ وَبِهِ يُعْلَمُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: مِثْلَ مَسَافَةِ ذَلِكَ إلَخْ) أَيْ: أَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْجَائِيَ مِنْ الْيَمَنِ فِي الْبَحْرِ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ إلَخْ) وَمِمَّنْ قَالَ بِالْجَوَازِ النَّشِيلَيْ مُفْتِي مَكَّةَ وَالْفَقِيهُ أَحْمَدُ بِلْحَاجٍّ وَابْنُ زِيَادٍ الْيَمَنِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَمِمَّنْ قَالَ بِعَدَمِ الْجَوَازِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بَامَخْرَمَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْأَشْخَرُ وَتِلْمِيذُ الشَّارِحِ عَبْدُ الرَّءُوفِ قَالَ؛ لِأَنَّ جِدَّةَ أَقَلُّ مَسَافَةً بِنَحْوِ الرُّبُعِ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ وَقَالَ ابْنُ عَلَّانٍ فِي شَرْحِ الْإِيضَاحِ وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يَرْجِعُ لِنَظَرٍ فِي الْمَدَارِكِ حَتَّى يَعْمَلَ فِيهِ بِالتَّرْجِيحِ بَلْ هُوَ أَمْرٌ مَحْسُوسٌ يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ لِمَعْرِفَتِهِ بِذَرْعِ حَبْلٍ طَوِيلٍ إلَخْ. اهـ. كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ عِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ فَلَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ إحْرَامَهُ مِنْ مُحَاذَاةِ يَلَمْلَمُ إلَى رَأْسِ الْمَعْرُوفِ قَبْلَ مَرْسَى جِدَّةَ، وَهُوَ حَالُ تَوَجُّهِ السَّفِينَةِ إلَى جِهَةِ الْحَرَمِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَهُ إلَى جِدَّةَ؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ مِنْ يَلَمْلَمُ بِنَحْوِ الرُّبُعِ وَقَوْلُهُمْ إنَّ جِدَّةَ وَيَلَمْلَمَ مَرْحَلَتَانِ مُرَادُهُمْ أَنَّ كُلًّا لَا يَنْقُصُ عَنْ مَرْحَلَتَيْنِ، وَإِنْ تَفَاوَتَتْ الْمَسَافَتَانِ كَمَا حَقَّقَهُ مَنْ سَلَكَ الطَّرِيقَيْنِ وَهُمْ عَدَدٌ كَادُوا أَنْ يَتَوَاتَرُوا فَمَا فِي التُّحْفَةِ مِنْ جَوَازِ التَّأْخِيرِ إلَى جِدَّةَ فَهُوَ لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِ الْمَسَافَةَ فَلَا يَغْتَرُّ بِهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ تِلْمِيذُهُ عَبْدُ الرَّءُوفِ بْنُ يَحْيَى الزَّمْزَمِيُّ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَلَوْ أَخْبَرَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى تَحْقِيقَهُ الْأَمْرَ مَا أَفْتَى بِهِ.
وَقَالَ الشَّيْخُ عَلِيُّ بْنُ الْجَمَّالِ وَمَا فِي التُّحْفَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى اتِّحَادِ الْمَسَافَةِ الظَّاهِرِ مِنْ كَلَامِهِمْ، فَإِذَا تَحَقَّقَ التَّفَاوُتُ فَهُوَ قَائِلٌ بِعَدَمِ الْجَوَازِ قَطْعًا بِدَلِيلِ صَدْرِ كَلَامِهِ النَّصِّ فِي ذَلِكَ انْتَهَى.
وَأَيْضًا كُلُّ مَحَلٍّ مِنْ الْبَحْرِ بَعْدَ رَأْسِ الْعَلَمِ أَقْرَبُ إلَى مَكَّةَ مِنْ يَلَمْلَمُ وَقَدْ قَالَ بِذَلِكَ فِي الْجُحْفَةِ وَنَصُّ عِبَارَتِهِ بِخِلَافِ الْجَائِي فِيهِ مِنْ مِصْرَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ إحْرَامَهُ مِنْ مُحَاذَاةِ الْجُحْفَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَحَلٍّ مِنْ الْبَحْرِ بَعْدَ الْجُحْفَةِ أَقْرَبُ إلَى مَكَّةَ مِنْهَا. اهـ. وَعِبَارَةُ بَاعَشَنٍ وَلَا وَجْهَ لِمَا فِي التُّحْفَةِ إلَّا إنْ قِيلَ إنَّ مَبْنَى الْمَوَاقِيتِ عَلَى التَّقْرِيبِ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ يُعَلِّلُ بِهِ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ صَالِحٍ تَبَعًا لِشَيْخِهِ إدْرِيسَ الصَّعِيدِيِّ جَوَازَ تَأْخِيرِ الْإِحْرَامِ إلَى جِدَّةَ وَيُفْتَى بِهِ أَوْ يَكُونُ جَبَلُ يَلَمْلَمُ مُمْتَدًّا بَعْدَ السَّعْدِيَّةِ بِحَيْثُ يَكُونُ بَيْنَ آخِرِهِ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَتَانِ.
وَقَدْ سَمِعْت مِنْ بَعْضِ الثِّقَاتِ أَنَّ الشَّيْخَ مُحَمَّدَ صَالِحٍ الْمَذْكُورُ كَانَ يَقُولُ بِذَلِكَ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ يَلَمْلَمُ جَبَلٌ مُحَاذٍ لِلسَّعْدِيَّةِ وَسَمِعْت أَنَّ بِحِذَاءِ السَّعْدِيَّةِ جَبَلَيْنِ أَحَدَهُمَا بَيْنَ طَرَفِهِ الْمُحَاذِي لِمَكَّةَ وَبَيْنَ مَكَّةَ أَكْثَرُ مِنْ مَرْحَلَتَيْنِ وَالثَّانِيَ مُمْتَدٌّ لِجِهَةِ مَكَّةَ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ بِاعْتِبَارِ طَرَفِهِ الَّذِي بِجِهَتِهَا مَرْحَلَتَانِ فَأَقَلُّ، فَإِنْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ الْأَخِيرُ فَلَا شَكَّ فِي جَوَازِ الْإِحْرَامِ مِنْ جِدَّةَ فَحَرِّرْ جَبَلَ يَلَمْلَمُ، فَإِنْ تَحَقَّقَ وَتَحَقَّقَتْ الْمُفَارَقَةُ الَّتِي يَقُولُونَهَا فَلَا وَجْهَ لِمَا قَالَهُ فِي التُّحْفَةِ بَلْ يُشْعِرُ بِذَلِكَ قَوْلُ التُّحْفَةِ؛ لِأَنَّ مَسَافَتَهَا أَيْ جِدَّةَ كَمَسَافَةِ يَلَمْلَمُ إلَى مَكَّةَ. اهـ.
فَإِذَا تَحَقَّقَ التَّفَاوُتُ بَطَلَ الْمُسَاوَاةُ وَبَطَلَ مَا بُنِيَ عَلَيْهَا مِنْ جَوَازِ التَّأْخِيرِ إلَى جِدَّةَ، وَهُوَ وَاضِحٌ إلَّا إنْ ثَبَتَ وَاحِدٌ مِنْ الْأَمْرَيْنِ لِلَّذَيْنِ سُقْنَاهُمَا. اهـ. أَقُولُ الْأَمْرُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ أَنَّ مَبْنَى الْمَوَاقِيتِ عَلَى التَّقْرِيبِ، كَلَامُ التُّحْفَةِ وَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي، وَغَيْرُهُمْ صَرِيحٌ فِي خِلَافِهِ وَالْأَمْرُ الثَّانِي، وَهُوَ كَوْنُ جَبَلِ يَلَمْلَمُ مُمْتَدًّا بَعْدَ السَّعْدِيَّةِ إلَخْ مَبْنِيٌّ عَلَى كَوْنِهِ الْأَخِيرَ مِنْ الْجَبَلَيْنِ اللَّذَيْنِ بِحِذَاءِ السَّعْدِيَّةِ الَّذِي بَيْنَ طَرَفِهِ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَتَانِ فَأَقَلُّ وَقَدْ نَصَّ التُّحْفَةُ وَالنِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي وَغَيْرُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا مِيقَاتَ أَقَلُّ مِنْ مَرْحَلَتَيْنِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ جَبَلَ يَلَمْلَمُ، وَإِنَّمَا هُوَ الْأَوَّلُ مِنْ الْجَبَلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ الَّذِي بَيْنَ طَرَفِهِ وَبَيْنَ مَكَّةَ أَكْثَرُ مِنْ مَرْحَلَتَيْنِ.
(قَوْلُهُ عَبَّرَ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ إلَخْ) وَتَبِعَهُمْ الْمُغْنِي وَشَرْحُ الْمَنْهَجِ.
(قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَشَرْحُ بَافَضْلٍ وَالْكُرْدِيُّ عَلَيْهِ وَالْوَنَّائِيُّ.
(قَوْلُهُ: بِأَحَدِهِمَا) أَيْ: بِالْعَوْدِ إلَى مِيقَاتٍ أَوْ إلَى مَرْحَلَتَيْنِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَا عَدَلَ عَنْهُ) لَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِ ابْتِدَاءَ مَرْحَلَتَيْنِ فِي طَرِيقِهِ الَّتِي سَلَكَهَا.
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ) أَيْ: الْعَوْدُ إلَى مِثْلِ مَسَافَتِهِ.
(قَوْلُهُ كَلَامُ هَؤُلَاءِ إلَخْ) أَيْ الْجَمْعِ الْمُتَقَدِّمِينَ أَوَّلًا.
(قَوْلُهُ: إجْزَاءُ مِثْلِ الْمَسَافَةِ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ ع ش وَالْوَنَّائِيُّ وَالْكُرْدِيُّ كَمَا مَرَّ آنِفًا و(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: مِنْ مِيقَاتٍ آخَرَ أَوَّلًا.
(فَإِنْ فَعَلَ) بِأَنْ جَاوَزَهُ مُرِيدًا بِلَا إحْرَامٍ وَلَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا (لَزِمَهُ الْعَوْدُ) وَلَوْ مُحْرِمًا كَمَا سَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَوْ (لِيُحْرِمَ مِنْهُ) تَدَارُكًا لِإِثْمِهِ أَوْ تَقْصِيرِهِ.
وَلَا يَتَعَيَّنُ الْعَوْدُ إلَى عَيْنِهِ بَلْ يُجْزِئُ إلَى مِثْلِ مَسَافَتِهِ حَتَّى لَوْ أَخَّرَ إحْرَامَهُ عَمَّا أَرَادَهُ فِيهِ بَعْدَ الْمِيقَاتِ أَجْزَأَهُ الْعَوْدُ إلَيْهِ وَإِلَى مِثْلِ مَسَافَتِهِ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ؛ لِأَنَّهُ مِيقَاتُهُ وَلَا نَظَرَ لِخُصُوصِهِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْعَوْدِ تَدَارُكُ مَا فَوَّتَهُ، وَهُوَ حَاصِلٌ بِذَلِكَ وَسَاوَى الْجَاهِلُ وَالنَّاسِي غَيْرَهُمَا فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ يَسْتَوِي فِي وُجُوبِ تَدَارُكِهِ الْمَعْذُورُ وَغَيْرُهُ نَعَمْ اُسْتُشْكِلَ مَا إذَا قِيلَ فِي النَّاسِي لِلْإِحْرَامِ بِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ حِينَئِذٍ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ وَأُجِيبَ بِأَنْ يَسْتَمِرَّ قَصْدُهُ إلَى حِينِ الْمُجَاوَزَةِ فَبِسَهْوٍ حِينَئِذٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي لُزُومِ الدَّمِ وَعَدَمِهِ بِحَالِهِ عِنْدَ آخِرِ جُزْءٍ مِنْ الْمِيقَاتِ وَحِينَئِذٍ فَالسَّهْوُ إنْ طَرَأَ عِنْدَ ذَلِكَ الْجُزْءِ فَلَا دَمَ أَوْ بَعْدَهُ فَالدَّمُ (إلَّا إذَا) كَانَ لَهُ عُذْرٌ كَأَنْ (ضَاقَ الْوَقْتُ) عَنْ الْعَوْدِ بِأَنْ خَشِيَ فَوْتَ الْحَجِّ لَوْ عَادَ (أَوْ كَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا) أَوْ خَافَ انْقِطَاعًا عَنْ الرُّفْقَةِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ مُجَرَّدَ الْوَحْشَةِ هُنَا لَا تُعْتَبَرُ، أَوْ كَانَ بِهِ مَرَضٌ يَشُقُّ مَعَهُ الْعَوْدُ مَشَقَّةً لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً.
أَوْ خَافَ عَلَى مُحْتَرَمٍ بِتَرْكِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ فِي كُلِّ ذَلِكَ لِلضَّرَرِ بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ فِي الْأُولَى وَكَذَا الْأَخِيرَةُ إنْ أَدَّى إلَى تَفْوِيتِ مُحْتَرَمٍ كَعُضْوٍ.